قوله عز وجل: {حم. وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ} الكتاب هو القرآن: وفي تسميته مبيناً ثلاثة أوجه:أحدها: لأنه بيِّن الحروف، قاله أبو معاذ.الثاني: لأنه بين الهدى والرشد والبركة، قاله قتادة.الثالث: لأن الله تعالى قد بين فيه أحكامه وحلاله وحرامه، قاله مقاتل.وفي هذا موضع القسم، وفيه وجهان:أحدهما: معناه ورب الكتاب.الثاني: أنه القسم بالكتاب، ولله عز وجل أن يقسم بما شاء، وإن لم يكن ذلك لغيره من خلقه.وجواب القسم {إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرءاناً عَرَبِيّاً} وفيه ثلاثة أوجه:أحدها: إنا أنزلناه عربياً، قاله السدي.الثاني: إنا قلناه قرآناً عربياً، قاله مجاهد.الثالث: إنا بيناه قرآناً عربياً، قاله سفيان الثوري. ومعنى العربي أنه بلسان عربي، وفيه قولان:أحدهما: أنه جعل عربياً لأن لسان أهل السماء عربي، قاله مقاتل.الثاني: لأن كل نبي أنزل كتابه بلسان قومه، قاله سفيان الثوري.{لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} فيه وجهان:أحدهما: تفهمون، فعلى هذا يكون هذا القول خاصاً بالعرب دون العجم، قاله ابن عيسى.الثاني: يتفكرون قاله ابن زيد، فعلى هذا يكون خطاباً عاماً للعرب والعجم.قوله عز وجل: {وَإِنَّهُ فِي أَمِّ الْكِتَابِ} فيه ثلاثة أقاويل:أحدها: جملة الكتاب.الثاني: أصل الكتاب، قاله ابن سيرين.الثالث: أنها الحكمةالتي نبه الله عليها جميع خلقه، قاله ابن بحر.وفي {الْكِتَابِ} قولان:أحدهما أنه اللوح المحفوظ؛ قاله مجاهد.الثاني: أنه ذكر عند الله فيه ما سيكون من أفعال العباد مقابل يوم القيامة بما ترفعه الحفظة من أعمالهم، قاله ابن جريج.وفي المكنى عنه أنه في أمِّ الكتاب قولان:أحدهما: أنه القرآن، قاله الكلبي.الثاني: أنه ما يكون من الخلق من طاعة ومعصية وإيمان أو كفر، قاله ابن جريج.{لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} فيه وجهان:أحدهما: رفيع عن أن ينال فيبدل. حكيم أي محفوظ من نقص أو تغيير، وهذا تأويل من قال أنه ما يكون من الطاعات والمعاصي.الثاني: أنه علي في نسخه ما تقدم من الكتب، وحكيم أي محكم الحكم فلا ينسخ، وهذا تأويل من قال أنه القرآن.قوله عز وجل: {أَفَنَضْرِبُ عَنكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً} فيه أربعة تأويلات:أحدها: أفحسبتم أن نصفح ولما تفعلون ما أمرتم به؟ قاله ابن عباس.الثاني: معناه أنكم تكذبون بالقرآن ولا نعاقبكم فيه، قاله مجاهد.الثالث: أي نهملكم فلا نعرفكم بما يجب عليكم، حكاه النقاش.الرابع: أن نقطع تذكيركم بالقرآن: وإن كذبتم به: قاله قتادة.ويحتمل خامساً: أن نوعد ولا نؤاخذ، ونقول فلا نفعل.{قَوْماً مُّسْرِفِينَ} فيه وجهان:أحدهما: مشركين، قاله قتادة.الثاني: مسرفين في الرد.ومعن صفحاً أي إعراضاً، يقال صفحت عن فلان أي أعرضت عنه. قال ابن قتيبة: والأصل فيه إنك توليه صفحة عنقك. قال كثير في صفة امرأة:صفحٌ فما تلقاك إلا بخيلة *** فمن قَلّ منها ذلك الوصل قلّتأي تعرض عنه بوجهها.قوله عز وجل: {وَمَضَى مَثَلُ الأَوَّلِينَ} فيه أربعة تأويلات:أحدها: سنة الأولين، قاله مجاهد.الثاني: عقوبة الأولين، قاله قتادة.الثالث: عِبرة الأولين، قاله السدي.الرابع: خبر الأولين أنهم أهلكوا بالتكذيب، حكاه النقاش.